في غياب البحث العلمي الجاد والتحصيل المعرفي المنشود واختزال دور الجامعة
بين الغش ..السرقة العلمية ....والشهادة "الكرتونية" خدعوها فقالوا "جامعة"
إن الواقع الذي تعيشه الجامعة اليوم واقع كارثي جلل يدعو للألم والحزن و"القنطة" بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، واقع يحتاج إلى تدخل جريء وحكيم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، بعيدا عن الإصلاح الارتجالي المسلوب الإرادة والضمير ، الإصلاح "الموجه" لصالح سرقة واضحة لمبادئ الوطن والأمة ، الإصلاح الهيكلي لا الروحي لتجميل الصورة "الممزقة أصلا" ، حتى أضحت الجامعة اليوم عندنا "هيكلا بلا روح"، وإذ تزخر الجامعة بالهياكل الضخمة ذات الهندسة المعمارية البديعة التي تأسر لب العاقل وتأخذه به ، إلا أنها تفتقر إلى جوهر حقيقي في خواء تام للروح الأصيلة التي أسست من أجلها الجامعة التي هي مناط رجاء جميع شرائح المجتمع ، فعمد مسيرو الجامعة عندنا للأسف الشديد إلى النأي بها عن تفعيل دورها التي وُجدت له فأُبعدت عن مسؤولياتها الحقيقة التي تناط بالأمة اليوم أكثر من أي وقت مضى ، فضُيعت العقول وسُممت النفوس بالبهرجة وحُصر دور الجامعة في شيء واحد ووحيد اسمه "كارطونة شهادة نهاية التخرج" بشعار مرفوع يعرفه الجميع وهو " الدراسة لمن أراد والشهادة للجميع"،على حساب اللب والجوهر والتشبع بالأفكار القيمة النبيلة التي هي أساس بناء الإنسان ككل، أليست الأمة اليوم ترزح في جهل مقيت وسبات عميق بسبب كل ذلك؟. ولسان حالها يقول: أضاعوني وأي فتى أضاعوا *** ليوم كريهة وسداد ثغر
انحراف عن الطريق وفرق بين من يزعم ويكابر... ومن يحترم نفسه.
إن معالم انحراف الجامعة عن معالي مبادئها هي بالأساس الأول في كيفية الولوج إليها منطلقا ، فبعد أن كانت شهادة البكالوريا ذات قيمة ومعنى لا يصل إلى "خطبة ودها" إلا كل مجتهد ، أضحت منذ عقد من الزمن حصانا سهل الركوب لكل كسول "مطرود" من الحياة الدراسية خاصة بالنسبة للأحرار وما باك "سبتمبر 2001 " و"باك 2007 " عنا ببعيدين وهما بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس فقط ، هذا الأخير الذي أصبح علامة عالمية مسجلة "صنع في الجزائر" أو ليست الجزائر بلد المعجزات ، بالإضافة إلى فعل سحر "القرارات السياسة" في حياتنا خاصة بالنسبة إلى قرار ارتقاء 07 مراكز جامعية إلى جامعات "بجرة قلم"، لنصبح بذلك رهيني الكم بدل الكيف حتى أضحى عندنا اليوم 31 جامعة "ياجدك جامعة" وما أدراك ما جامعة ، تستند إلى أجندة سياسية لا معايير أكاديمية و بيداغوجية ونصيبها في الترتيب العالمي من حيث البحث العلمي الرتب الأخيرة بامتياز، حتى اشتكت وزارة حراوبية المجمع الخاص بالترتيب العالمي المتواجد في بريطانيا عله يغض الطرف عنا و"يكسر وذنوا"، وهو الذي لم ينته إلى حقيقة إنجازات جامعاتنا الباهرة... في حين نجد دولة ماليزيا التي "تحترم نفسها" تتوفر على 04 جامعات فقط وهي "المسكونة" بالبحث العلمي على رأس الجامعات العالمية ، شأنها في ذلك شأن "الكيان الصهيوني"، أبَعد هذا يمكن أن نزهوا بأنفسنا .
وقفة تأمل مع وزير "إصلاحات بن زاغوا " يمد الجامعة بالمدد....
تخيلوا أن وزير التربية أبو بكر بن بوزيد قال في زيارته لولاية تيبازة في 28 أفريل 2011 "أن وزارته تتوقع نسبة نجاح مرتفعة للناجحين في شهادة البكالوريا هذه السنة مقارنة مع الدورات السابقة ويطمح للوصول إلى الوصول إلى نسبة أكثر 70 في المائة في البكالوريا لهذا العام" ..وبعده بحوالي أسبوع أي يوم 08/05/2011 يقول في زيارته لولاية عين تموشنت "أن أمر التكهن بنتائج البكالوريا سابق لأوانه ، وأن كل حديث عن ذلك يعتبر إهانة لتلامذتنا في الوقت الحالي"..وركزوا على كلمة إهانة لتلاميذنا.....ولكم أن تحكموا عن التناقض الكبير في التصريحين وهما لنفس الوزير وفي نفس المدة...وحقا فرق كبير بين من يزعم ويكابر ...وبين من يحترم نفسه....."ألا نستحق أفضل منه"...؟؟؟
واقع مؤلم بين التواطؤ والصمت ...ولكن لمصلحة من ؟؟؟؟
لا يزال موضوع السرقات العلمية عندنا بالجزائر من "الطابوهات" التي لا يمكن الخوض فيها إلا بدليل ملموس قاطع وقوي وإن كان الكل يعلم أن وضع الجامعة عندنا وما آلت إليه سببه بالدرجة الأولى الغش والتواطؤ والسرقة العلمية التي عشعشت جوانب الجامعة وأركانها ، حتى نسجت لها خيوط أشبه بخيوط "العنكبوت" لكنها أصعب من أن تُخترق ، ولقد شكلت فضيحة السرقة العلمية التي طفت إلى السطح بمعهد علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر مؤخرا ممثلة في شخص الدكتور"الطاهر بن خرف الله" المتهم بالاستيلاء على كتاب ''النخب السياسية في مصر'' للباحثة المصرية "مايسة الجمل" من خلال كتابه المعنون" النخبة الحاكمة في الجزائر"علامة فارقة في الحديث عمن يدور داخل الجامعة الجزائرية (انظر الموضوع كاملا بيومية الجزائر نيوز 08/09 ماي2011)، و ما حدث قبله مع الباحث الدكتور "حفناوي بعلي" الأستاذ بجامعة عنابة والذي نال جائزة الشيخ زايد للكتاب حول بحثه وكتابه المعنون بـ"مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن" ليتبين فيما بعد أن الأمر يتعلق بسرقة علمية تجاوزت حدود الاقتباس إلى السلخ ، والنتيجة أن سحبت منه الجائزة في حين قررت الدار العربية للعلوم "ناشرون" التي طبعت الكتاب بموجب عقد مع المؤسسة الراعية للجائزة عدم نشر أي عمل للمعني مستقبلا، وهو أمر يجعل مصداقية البحث العلمي في الجزائر على المحك سواء في الداخل أوالخارج ، حيث التشكيك في حقيقة الكفاءة الجزائرية واهتزاز صورتها بشكل يصعب معها إعادة بريقها في الوقت الراهن.....
ولنغوص في واقع جامعتنا اليوم ونستجلي بعضا ممن علق بها من نجاسة الهف والغش والخداع نسجل ما يلي وهي في الحقيقة بعضا من أسباب ما آل إليه الوضع المخزي داخل مؤسسة هي بمثابة "الحرم المصون":
1- إنتساب العديد من الطلبة إليها وليس لديهم أي "بقاج" يذكر إرتقوا إليها بسلم الغش والتزوير و"واحد صاحبي عقب في بلاصتي الباك" حتى دخلها من يملك مستوى السنة السادسة فقط صدقوني مستوى السادسة أساسي والأمثلة عديدة ومتشابهة ومنهم من هو اليوم في السنة الرابعة جامعي.
2- انتساب بعض الأساتذة ممن درجوا أبواب الجامعة بالغش في "الباك" والتزوير في "الليسانس" والماجستير تارة بالمعريفة و"الشكارة" وتارة بالمنظمات الطلابية وهم معروفين وأشهر من نار على علم ، وتارة بالحظ و"الزهر" كما هو الحال بالنسبة للذين درسوا بمعهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة (مخلفات حادثة مباراة مصر والجزائر)، وأنا هنا لا أعمم الأمر لأن هناك ثلة وإن كانت قليلة جدا تستحق ذلك.
3- فضائح السرقات العلمية والأدبية التي أزكمت النفوس حتى خيل للجميع أننا في وسط "يجتر" كل ما ينتجه المخلصون والمجتهدون اجترار السرقة "الإبداعية" على شاكلة " نسخ – لصق" وتحيا الجزائر.
4- مثلما هو الحال مع "مذكرات التخرج" كل سنة ، على غرار الفضيحة التي يتداولها الجميع بقوة بإحدى كليات الحقوق بجامعة من الوسط هذه الأيام من خلال مناقشة مذكرة ماجستير والجميع يعرف أنها سرقة فاضحة لجهد طالب آخر من أحدى ولايات الجنوب في تواطؤ صارخ من بعض صناع القرار.
حادثة وحوادث ......ولا تسل عن الأخلاق فذاك شأن آخر....
خدعوها بقولهم جامعة والجامعة تئن تحت رحمتهم تبكي ..وتنادي هل من مخرج..وحوادثها كثيرة ومتعددة في زمن كل شيء مباح ....نسوق إليكم منها بعضا مما أعرف وفقط:
- حادثة طالب بالسنة الثانية جامعي "مكستم" يلتقي مع أستاذته عند بهو مكتب الإدارة ويدور بينهم هذا الحوار: يبادرها الطالب والله يا أستاذة أنت "شحاحة" في مغازلة واضحة ، الأستاذة أأعرفك أنا ؟ وتبتسم ، يجيب الطالب والله ، نعم أدرس عندك في القسم كذا ، وقد تحصلت عندك على علامة 9.75 ألست شحاحة جدا لم تكملِِ ِحتى النقطة 10 ، تبتسم الأستاذة( صغيرة في عمر الزهور) ، ماذا تريدني أن أعطي لك يجيب والله 10 فقط "ياسر عليا" ، الأستاذة أدخل معي مكتب مسئولة القسم ( الطالب يعرف مسؤولة القسم ) ، وهنا تفكر الأستاذة وتستشيره أعطيك 10 ، لا أنت تستحق أكثر "أيا هاك 12 على خاطر أنت عندك مكانة .....، وهنا تتدخل مسؤولة القسم وتقول للطالب صدقني هذه الأستاذة "مزيرة بزاف في النقطة" وأنت الوحيد لغيرتلوا النقطة راك محظوظ .....؟
- أستاذ يلتقي بثلاثة طلبة يدرسون عنده أخذ كل واحد منهم في امتحان "الكور" 5 نقاط على شاكلة زملائهم ، يبادره أحدهم وهو مقرب منه بحكم أنهما مبدعان في حقل "شهادة مثقف" يا أستاذ من فضلك "طلعلي" في النقطة ، الأستاذ "واش نزيدك" الطالب "دبر راسك يأستاذ "شوف أنت" الأستاذ أيا أنت هاك 14 (تصوروا من 05 إلى 14 "ضربة وحدة" وين في امتحان "الكور") ، ينظر الطالب الثاني والثالث للأستاذ وإحنا يا أستاذ ..آه أنتما ، يجيب الأستاذ والله ما نعرف مستواكما جيدا ، ولكن هاكم 11 ويعتذر الأستاذ بشدة منهما بحكم أنه لا يعرف مستواهما حقيقة......؟
- أستاذ يغير نقاط جميع طلبة القسم ويعطي أقل نقطة 12 على خاطر "عيون طالبة"......
- أستاذ آخر "يحرق" طلبة "فوج كامل" في نقاط الفصل الأول والثاني على خاطر ما تفاهمش (في علاقتوا) مع طالبة تدرس في نفس "الفوج المشئوم".....
- أستاذ لا يحضر إلا قليلا من الزمن وأستاذنا تصوروا باحث أكاديمي "عنيتو"وينتقل من جامعة لأخرى للتدريس على شاكلة "أستاذ كرسي" ولكنه في نهاية المطاف يعطي لطلبة أفواجه رقم هاتفه ..نعم رقم هاتفه..لمن أراد أن يقدم له بحثه "الناقص" (طبعا حجة فقط) لكي يُزاد له في النقطة والأجر الوفير ، الغريب في الأمر أن أغلب المتصلين به "طالبات" ماذا حدث في الأخير "مساومات وطلب ربط علاقات"....وهناك طالبات أعدن السنة لعدم رضوخهن لابتزاز أمثال هذا "المربي الموجه" في بلاد آخر زمن .
- و... و... و... و... و... و... و... والكل منا له "حدوثة" وحوادث داخل هــــرم آه عفونا "حــــرم" الجامعة قد يندى لها جبين المرء وتنهزم قواه وتخور لها الأبدان وتشيب لسماعها الولدان فما بالك بمعايشتها.......
وضاعت مكانة الأستاذ والطالب على حد سواء....في لعبة محبوكة الجوانب.....
لقد ضاعت مكانة الأستاذ الجامعي في غمرة التكتلات والصراعات الدائرة في من يمسك بزمام القسم أو الكلية وفيمن يتمكن من زعامة النقابة وما شابهها ، وفي حب الوصول إلى عمادة الجامعة ومن يَِسبحون في فلكها ، وفي شراء ذمم المنظمات الطلابية وإذكاء نار الفتنة بينها والوصاية عليها وإلهاء جموع الطلبة سواء داخل أسوار الجامعة أو امتداداتها الطبيعية بالإقامة الجامعية من خلال خلق المشاكل والصراع بينهم للدخول في حلقة مفرغة تخدم أجندة محكمة المعالم والتوجه متأزمة الأفاق ومتعفنة الجوانب، بعيدة كل البعد عن شيء اسمه التحصيل العلمي والمعرفي على السواء.
الجميع يعرف الداء... لكن تشخيص الدواء صعب "مستحيل"......
من خلال قراءتي لبعض تدخلات مجموعة من الأستاذة والدكاترة عبر يومية "الجزائر نيوز" حول السرقات العلمية وسلخ المذكرات والرسائل الجامعية وكل أنواع الغش على هذا المستوى ، يتبين أن مرض الجامعة الجزائرية "داء عضال" من الصعب بمكان الوصول إلى شفاءه في الوقت الراهن إن لم يكن أشبه بالمستحيل بالنظر إلى استشراء الداء أركان الجامعة بل مست تداعياتها مختلف جوانب الحياة اليومية للمواطن الجزائري، وإليكم بعض ما قالوه في هذا الشأن:
- سرقات رسائل التخرج في الجامعة روتين وليس اكتشافا هذا ما أجمع عليه أغلب الأساتذة والدكاترة بجامعة الجزائر.
- الدكتور حمو بوظريفة مدير مخبر الوقاية والأرغنوميا يقول: "هناك عُصب داخل الجامعة تقف وراء ظاهرة الغش ، وأن مسألة السرقات العلمية باتت سلوكا عاديا بين الجامعيين بالنظر على انتشار زمر مُسيطرة في الجامعة تسهل مثل هذه الظواهر، ......لأن الأغلبية في الجامعة تتعامل بالغش.....".
- مصطفى صايج أستاذ في العلاقات الدولية يقول "صادفت سرقات في الرسائل لم يغير أصحابها حتى الإهداء".
- عامر مصباح أستاذ في العلاقات الدولية يقول "هناك تصفية حسابات بين أساتذة يصبح الطالب بسببها ضحية لسرقات علمية".
- أما مدير المدرسة العليا للصحافة وعلوم الإعلام، الدكتور إبراهيم براهيمي، من جهته فقد قال إن قضية السرقات العلمية داخل الجامعة الجزائرية ليست جديدة، حيث شهدت هذه الأخيرة كثيرا من الحالات التي ''لم يُكشف إلا عن القليل منها'' ، محمّلا مسؤوليّة الوضع الذي آلت إليه الجامعة إلى مرحلة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، ''حيث كان الالتحاق بالجامعة يتم دون الحصول على بكالوريا، وبمسابقات مزوّرة، ما أدّى إلى تفشّي ظاهرة خطيرة جدّا، خاصّة في كليّات الحقوق والإعلام والعلوم السياسية، وهي وجود عدد كبير من الأساتذة والدكاترة دون شهادة بكالوريا، بعضهم عمداء كليّات ورؤساء جامعات''. (أنظر يومية الخبر 09/05/2011).
في الأخير وعلى الرغم من ذلك أَلا "يستحي" المسئولون عندنا "إن كان فيهم ذرة حياء" (فما بالك باستقالة واحد منهم فقط)عن التبجح بمدى الإنجازات المقدمة في مجال التعليم والبحث العلمي وأن هذا الأخير قفز من المرتبة السابعة إلى الثالثة على مستوى إفريقيا ، في وقت أضحت رسائل البحث التي تناقش على كافة المستويات مجرد رسائل شكلية لا تحمل أي مصداقية علمية ، وإذا كان الكل يجمع من دكاترة وباحثين أن الغش و السرقة العلمية تنخر جسد الجامعة منذ زمن وهي عملية ليست بالجديدة ولا المفاجئة فإن الأمر برمته يدعو إلى دق ناقوس الخطر لأننا بتنا في وضع أشبه "بضياع اليتامى في مأدبة اللئام"....